الأربعاء، 24 فبراير 2010

القراءة فن الحياة




هل تعلمت أن تقرأ ..؟ ... هل أجدت لعبة الحروف ..؟.. هل استطعت أن تخترق حصار الكلمة المكتوبة وتفك طلاسمها ....

لاشك أنك أتقنت ذلك بعد قضاء عدة سنوات في مدرستك الأوليَّة ..


أنت إذن ممن يُفترض أنه انتقل من مرحلة الجهل إلى مرحلة العلم ..

ولكن ماهو تعريف المتعلم .. ؟..هل هو فقط الشخص الذي يجيد القراءة والكتابة ، أم أنه هو الذي يمارس القراءة ويستفيد من تعلمها .. ؟ .

يبدو أن الكثيرين منا يعتقدون أن تعلم القراءة هو هدف في حد ذاته .. ولايهم بعد ذلك إن قرأ شيئا أم لم يقرأ .. هذا ما علمته إياهم مدارسهم وجامعاتهم ، وهذا ماأوصله إليهم من يقومون بمهمة التعليم في هذه المدارس والجامعات .. وهنا تكمن المشكلة ويكمن الداء .. وهل هناك داء أخطر وأسوأمن داء الجهل ذلك الذي لا يقيك منه قرابة ولا جوار ولا ألفة كما يقول ابن المقفع.
وفي وقت مازلنا نردد فيه القول بأهمية القراءة وفوائدها ، نجد الآخرين يتحدثون عن عادة القراءة وكأنها أمر مفروغ منه ، وعليهم فقط تعلم فن القراءة السريعة للإستفادة منها إلى أقصى حد في التهام كميات كبيرة من المعلومات وأعداد كبيرة من الكتب وذلك في ظل الثورة المعلوماتية..والتكدس الكبير في العلوم والمعارف الذي لم يسبق له مثيل ..


ففي كتاب صدر قبل سنوات في أمريكا عن كيفية تعلم فن القراءة السريعة.. جاءت المعلومات التالية على سبيل المثال:


1- يصدر في الولايات المتحدة خمسون ألف كتاب سنويا .
2- تصدر عشرة آلااف مجلة في الولايات المتحدة
3- الطبعة الواحدة من صحيفة نيويورك تايمز تحتوي على معلومات تفوق ما تعلمه شخص في القرن السادس عشر طوال حياته.
4- تصدر سبعة الاف دراسةعلمية يوميا في أنحاء العالم.
5- صدرت في الخمسين عاما الماضية كمية من المعلومات تفوق في مجموعها ما صدر في الخمسة آلاف سنة السابقة.
6- يصدر في مجال الطب وحده حوالي10 آلاف مجلة متخصصة سنويا
7- مع دخول القرن الحالي الجديد أصبحت كمية المعلومات المتاحة ضعف ما كان موجودا خلال قرن كامل.
8- أعظم مكتبة في العالم وهي مكتبة الكونجرس وتحتوي حالياعلى مليون كتاب تعاني حاليا من عدم القدرة علىاستيعاب جميع المعلومات الحالية المتوفرة بسب كثرتها وغزارتها مما دفع بهذه المكتبةالشهيرة إلى الإعلان عن خطة جديدة تهدف إلى استخدام برنامج تبويب رقمي للتعامل مع هذا الكم الهائل من المعلومات وينشأ عن ذلك برنامج شامل يدعى (بالمكتبة الوطنية الرقمية) ستكون أغنى مصدر بالمعلومات لنظام المعلومات الوطني وهو نظام يطلق عليه نظام المعلومات السريع يعمل على توفير المعلومات اللازمة لكل راغب عن طريق استخدام الكومبيوتر والقنوات الفضائيةوغيرها من وسائل الإتصالات العالمية .

ومع هذا التغير السريع في نوعية المعلومات وكمياتها وزيادة الثورة الإلكترونية يتأهب العالم كله إلى دخول مرحلة جديدة من التدفق المعلوماتي عن طريق الكلمة المكتوبة وأقراص الليزر وشرائط الفيديو والألياف الزجاجية والأقمار الصناعية وهذا كله سيجعل الشخص العادي يتحير في إيجاد الوقت الكافي للإطلاع علىمايريده ومايحتاجه من المعلومات وهنا يأتي دور تعلم التقنيات الجديدة في الحصول على مهارات القراءة السريعة للصول إلى أكبر قدر من الفائدة من قراءة الكتب والمجلات المختصة في وقت قصير وهو ما يتعهد هذا الكتاب بشرحها وتعليمها .


وبعد هذا كله أين نقف نحن وسط هذا الخضم من العلوم والمعارف ومعظمنا مازال يجهل الطريق إلى المكتبة ؟..والذي استطاع الوصول إليها لايعرف ماذا يختار لقراءته ؟..


الطلاب الذين يقضون سنوات طويلة من العمرعلى مقاعدهم الدراسية ..ثم يصلون إلى الجامعة ويتخرجون منها وهم لايعرفون كيف يقرأون ولمن.. ولا كيف يختارون الكتب التي يقرؤونها..ماالذي استفاده هؤلاء من تعلم القراءة ؟؟…
إن الرغبات والميول والمطامح تحتاج إلى تغذيتها بالمعرفة اللازمة لها..والإرادة أيضا تحتاج إلى تقويتها بالمعرفة .. والخيال يحتاج أيضا إلى الإستزادة من المعرفة.وإذن فأن المعرفة هي الأساس الأول في تكوين الشخصية ونضوجها ..والذين لايقرأون هم أشخاص في الواقع تخلو حياتهم من مقومات الشخصية السليمة ..حكم قاسٍِ ..ولكن أليست تلك هي الحقيقة ..فالذي يقرأ هو إنسان يعيش ويفكر كما ينبغي أن يعيش الإنسان الذي وهبه الله نعمة العقل والتفكر والتدبر وعلمه مالم يكن يعلم .
من يقرأ يعش الحياة مرات عديدة بدلا من مرة واحدة ..إنه يحيا حياته وحياة الآخرين بكل أفكارهم ومشاعرهم ومعاناتهم ويستخلص منها مااستخلصوه هم من خلال تجاربهم الخاصة.


شوبنهاور كان محقا عندما قال : إن القراءة هي التفكير بعقول الآخرين..فنحن بواسطة القراءة نستخدم ذهننا للتجول داخل أفكار الآخرين ونستمتع بهذه الأفكار ونستفيد منهاحسب ما يحلو لنا .

للقبح وجوه كثيرة

يحاصرك القبح من كل جانب ... قبح المشاهد التي تصدمك ... قبح الأبنية المتناثرة دون نظام ... قبح التكدس السكاني ...قبح الحدائق المهجورة ... قبح الوجوه الملونة ... قبح بعض النفوس ... قبح أنواع من التعاملات البشريَّة ... وتهرب ... تهرب من واقعك الرديء إلى عوالم افتراضية تبحث فيهاعن جمال اللفظ ،وجمال الفكر، فتفاجأ بأن كمية القبح في هذه العوالم أكبر من أي مكان آخر .... يتضح لك أن البحث عن الجمال في كل شيء مهمة شاقة وصعبة خاصة حين يكون الجمال نادرا .. والقبح هو السائد الشائع .ا
في الواقع الذي تعيشه ترى القبح في بنايات تبنى عشوائيا ودون ترتيب وبواجهات تفتقد روح الذوق ولمسة الاناقة .... ألوان جدران كئيبة وأسطح متنافرة ... نوافذ صغيرة توحي بظلمة الداخل ...ومتلاصقة ومتشابهة تذكرك بتلك الصناديق المتلاصقة التي يوضع فيها الدجاج المعد للذبح .... شوارع تزينها المطبَّات وتتناثر فيها الحفريات ... حدائق جافة ومتنزهات خالية من الخضرة ... سيارات متوقفة تملأ أطراف كل شارع دون تناسق ولانظام ... أخرى تتحرك في تلاحق وتسارع مخيف ... تكاد لكثرتها وسرعتها تحتك ببعضها البعض .... شواطيء مليئة بفضلات وقذارات لايعيرها المتنزهون اهتماما.... بيئة ملوَّثة في كل مكان ... وتضيق نفسك العاشقة للجمال ... فتبحث عن ما قد ينعش الروح قليلا ... ترسم بريشتك وألوانك الجمال الذي تتخيله ... تتأمل صورا لمناظر الفاتنة ... تتسلى برؤية أماكن استجمام مريحة ... ثم تجد نفسك تتصفح تلك المواقع النتيّــة التي تعدك بحوارات فكرية راقيـة ... تصدِّق ويحملك الفضول والتطلع إلى عالم أجمل داخل تلك العوالم الغامضة بحثا عن جمال من نوع مختلف ....جمال الفكر جمال الكلمة ... جمال الأرواح المختبئة وراء الكلمات.ا

وفي العوالم المُتوهمَّة تكتشف مع الوقت أن الجمال مفقود إلا فيما ندر ... وأنَّ للقبح طعما آخر .... القبح هنا يأتي على شكل عوادم تنفث حقدا ... هواء خانق رغم اتساع المساحات .... حصار على الرأي المختلف .... عدائية تجاه البعض دون سبب إلا خلفيات كسيحة .. وأوهام قبيحة ... حروب شعواء وتحزبات تعتمد على التوافق الفكري تتَّحدُ لتعمل على كسر الرأي المختلف وتهشيمه .... هنا تقوم الألفاظ القاسية والكلمات القبيحة .. والقذف الموجَّه بعناية إلى ذلك المختَلف مع فكره ، والنعت بأبشع النعوت ،وأكثرها إيلاما ... تحتل هذه مكان الرشاشات والطلقات النارية وأسلحة الدمار المتنوعة .... وتُسخَّر كلُّها أوبعضهامن أجل هدف واحد ...ألا وهو القضاء على الفكر المعارض تماما...أوتحطيمه وتفتيته . ومن حسن الحظ أن هذه الحرب القاتلة لاتنشبُ ولاتستعرُّ إلا في عالمٍ وهميُّ ، وبالتالي فإنها لاتستطيع أن تصل إلى الخصم لتصفيه جسدياًّ ، هي بالطبع تقتله معنوياً أحيانا، أوتسبب له جروحاً نفسيَّة أحيانا أخرى ..ومما لاشكَّ فيه أنها تفسد طعم الحياة على المغضوب عليه وتنكٍّد عليه عيشه .ا

هو القبح بأبشع صوره ... قبح الإنسان الذي تكون مهمته في الحياة أن يفسد حياة الآخرين ... الإساءة إليهم ... إيذاءهم بقبيح القول بقصد التخلص منهم إمابالخروج أوالسقوط والإستسلام ... مثلما يحدث في عالم الحيوانات المتوحشة التي لايستطيع الأقوياء فيها العيش إلا بالقضاء على الأضعف منها وإخراجه من دائرتها. ا

هذا هو مايحدث في العالم الإفتراضي في كثير من المنتديات التي يسمونها منتديات حِوارية ... وأي حوارٍ هذا الذي لاتستطيع أن تحاوٍر فيه وأنت آمن ... وأنت ترى كيف يُتوقع منك قبول كل الأفكار والآراء دون نقاش ولا اعتراض. حتى ولو كانت هذه الآراء تؤلمك ،أو تسيء إليك .. فقط جامل .. تظاهر بالموافقة والقناعة وإلا تعرضت للأذى والسخرية والشتيمة ...!!.. وهكذا تعود لتبحث عن الجمال الذي تشتاق إليه ... ثمَّ تسحرك صورة لجزيرة بعيدة داخل محيط ساكن وعميق ، بعيدة حيث لاوسيلة اتصال بالعالم المكتظ المليئ بالمشاكل والأحقاد والحروب... !.. تشعر فجأة بأن الجمال الحقيقي يقبع هناك ...هناك حيث الهدوء ،والطبيعة، وحيث النقاء الذي لاتشوهه أحقاد ، ولاتعكِّره خصومات البشر ... وتفكر ... وتفكر ..... ويصبح الوصول إلى تلك الجزيرة هاجسك الأوحد... وياله من هاجس !... فالجمال مطلب يستحق كل عناء.... وليحيا الجمال .ا
ليحيا الجمال أينما كان.... ولتحيا حياة الحرية .. حرية الروح والفكر.... حرية النفوس التي تعشق الجمال حيثما وُجد ... وفي جميع أشكاله وألوانه. وليسقط القبح مهما كان ... وكيفما كان .ا

حب الوطن فرض عليَّ

هل المواطن محتاج إلى دروس في التربية الوطنية يتلقاها في المدرسة ليتعلم كيف يحب وطنه..!؟... هل المواطن يحتاج إلى معلم يلقِّنه كيف يحبُّ وطنه ؟...
حبُّ الوطن أيها السادة كحبِّ الأم لإبنها .. شعورٌغريزيٌ يتغلغل داخل النفس دون تعليم أو تدريب... حبٌّ يبدأ منذ لحظة الولادة ... ويتضح مع سن الوعي والفهم .... ويزداد قوة وعمقا مع الأيام .
نحن كلنا نحب وطننا ونعتز بوجودنا فيه ، ولا نحتاج إلى كتب ودروس مطوَّلة تعلمنا هذا الحب أو تشرح لنا مايترتب عليه من واجبات .
الحبُّ ياسادة لايدرَّس في المدارس ،ولكنه يُبذر ويُزرع ويُغرس في النفوس منذ نعومة الأظافر....
وحين تمتليء قلوبنا بحب هذا الوطن ... ونشعر أن لناوطناً يحبنا كما نحبه ... وقتها سنتعلم كيف نعبِّر عن حبنا لهذا الوطن بشتى الطرق .
أماَّ كيف يمكن غرس حبِّ الوطن في المواطن.. ؟....فهذا يتحقق :
حين يشعر المواطن بأن هذا الوطن ملك له وأنه جزءٌ منه ....وأنه ليس مجرد مواطن بالإسم فقط.
وحين يشعر بالأمان في هذا الوطن ...ويشعر بأنه مطالب بحماية الوطن من أعدائه .
حين يشعر بأنه فرد له قيمته ....وأن صوته مسموع ورأيه مطلوب.
حين يتعلم أن يشارك في بناء هذا الوطن ورفعته .
حين لايسمح لأي جهة كانت بترويع هذا المواطن أو الإعتداء على حريته الشخصية .
حين لايخاف المواطن من إعلان رأيه بصراحة .
حين يطلب منه الرأي في تنفيذ الخطط والمشروعات ... ولايستيقظ فيجد القرارات جاهزة ومختومة.
حين يمتلك كل مواطن قطعة من أرض هذا الوطن يبني عليها مسكنه ،أو يزرعها ليأكل من خيراتها.
حين يصبح للمرأة والطفل في هذا الوطن مكانة وكرامة ...فلا تهان كرامة المرأة ولايُساء إلى الطفل. حين لايحتاج المواطن إلى الشكوى وتقديم العرائض والتذلل وطلب المساعدة لينال حقَّـه.
حين يجد كل مواطن مكانه محفوظا في المدارس والجامعات والمعاهد .... ويجد فرصة العمل في المجال والمكان المناسب لإمكانياته ... ولايحتاج للواسطات ليحصل على فرصة الدراسة أو العمل .
حين يذهب المواطن إلى أي جهة أوأي وزارة لينجز معاملة له فيجد الأبواب مفتوحة لاستقباله والنظر في موضوعه دون حاجة إلى اللجوء إلى من يعرفه هناك لينهي معاملته بسهولة ويسر.
حين يتحقق كل هذا فإنَّ المواطن سيحبُّ بلده ويفديه بالروح والدم ، ولن يحتاج إلى مايسمى بمادة التربية الوطنية .
اللهم أعنيِّ على قبول تقلبات أجواء الحياة وساعدني على تحمل أثقالها