
هل تعلمت أن تقرأ ..؟ ... هل أجدت لعبة الحروف ..؟.. هل استطعت أن تخترق حصار الكلمة المكتوبة وتفك طلاسمها ....
لاشك أنك أتقنت ذلك بعد قضاء عدة سنوات في مدرستك الأوليَّة ..
أنت إذن ممن يُفترض أنه انتقل من مرحلة الجهل إلى مرحلة العلم ..
ولكن ماهو تعريف المتعلم .. ؟..هل هو فقط الشخص الذي يجيد القراءة والكتابة ، أم أنه هو الذي يمارس القراءة ويستفيد من تعلمها .. ؟ .
يبدو أن الكثيرين منا يعتقدون أن تعلم القراءة هو هدف في حد ذاته .. ولايهم بعد ذلك إن قرأ شيئا أم لم يقرأ .. هذا ما علمته إياهم مدارسهم وجامعاتهم ، وهذا ماأوصله إليهم من يقومون بمهمة التعليم في هذه المدارس والجامعات .. وهنا تكمن المشكلة ويكمن الداء .. وهل هناك داء أخطر وأسوأمن داء الجهل ذلك الذي لا يقيك منه قرابة ولا جوار ولا ألفة كما يقول ابن المقفع.
وفي وقت مازلنا نردد فيه القول بأهمية القراءة وفوائدها ، نجد الآخرين يتحدثون عن عادة القراءة وكأنها أمر مفروغ منه ، وعليهم فقط تعلم فن القراءة السريعة للإستفادة منها إلى أقصى حد في التهام كميات كبيرة من المعلومات وأعداد كبيرة من الكتب وذلك في ظل الثورة المعلوماتية..والتكدس الكبير في العلوم والمعارف الذي لم يسبق له مثيل ..
ففي كتاب صدر قبل سنوات في أمريكا عن كيفية تعلم فن القراءة السريعة.. جاءت المعلومات التالية على سبيل المثال:
1- يصدر في الولايات المتحدة خمسون ألف كتاب سنويا .
2- تصدر عشرة آلااف مجلة في الولايات المتحدة
3- الطبعة الواحدة من صحيفة نيويورك تايمز تحتوي على معلومات تفوق ما تعلمه شخص في القرن السادس عشر طوال حياته.
4- تصدر سبعة الاف دراسةعلمية يوميا في أنحاء العالم.
5- صدرت في الخمسين عاما الماضية كمية من المعلومات تفوق في مجموعها ما صدر في الخمسة آلاف سنة السابقة.
6- يصدر في مجال الطب وحده حوالي10 آلاف مجلة متخصصة سنويا
7- مع دخول القرن الحالي الجديد أصبحت كمية المعلومات المتاحة ضعف ما كان موجودا خلال قرن كامل.
8- أعظم مكتبة في العالم وهي مكتبة الكونجرس وتحتوي حالياعلى مليون كتاب تعاني حاليا من عدم القدرة علىاستيعاب جميع المعلومات الحالية المتوفرة بسب كثرتها وغزارتها مما دفع بهذه المكتبةالشهيرة إلى الإعلان عن خطة جديدة تهدف إلى استخدام برنامج تبويب رقمي للتعامل مع هذا الكم الهائل من المعلومات وينشأ عن ذلك برنامج شامل يدعى (بالمكتبة الوطنية الرقمية) ستكون أغنى مصدر بالمعلومات لنظام المعلومات الوطني وهو نظام يطلق عليه نظام المعلومات السريع يعمل على توفير المعلومات اللازمة لكل راغب عن طريق استخدام الكومبيوتر والقنوات الفضائيةوغيرها من وسائل الإتصالات العالمية .
ومع هذا التغير السريع في نوعية المعلومات وكمياتها وزيادة الثورة الإلكترونية يتأهب العالم كله إلى دخول مرحلة جديدة من التدفق المعلوماتي عن طريق الكلمة المكتوبة وأقراص الليزر وشرائط الفيديو والألياف الزجاجية والأقمار الصناعية وهذا كله سيجعل الشخص العادي يتحير في إيجاد الوقت الكافي للإطلاع علىمايريده ومايحتاجه من المعلومات وهنا يأتي دور تعلم التقنيات الجديدة في الحصول على مهارات القراءة السريعة للصول إلى أكبر قدر من الفائدة من قراءة الكتب والمجلات المختصة في وقت قصير وهو ما يتعهد هذا الكتاب بشرحها وتعليمها .
وبعد هذا كله أين نقف نحن وسط هذا الخضم من العلوم والمعارف ومعظمنا مازال يجهل الطريق إلى المكتبة ؟..والذي استطاع الوصول إليها لايعرف ماذا يختار لقراءته ؟..
الطلاب الذين يقضون سنوات طويلة من العمرعلى مقاعدهم الدراسية ..ثم يصلون إلى الجامعة ويتخرجون منها وهم لايعرفون كيف يقرأون ولمن.. ولا كيف يختارون الكتب التي يقرؤونها..ماالذي استفاده هؤلاء من تعلم القراءة ؟؟…
إن الرغبات والميول والمطامح تحتاج إلى تغذيتها بالمعرفة اللازمة لها..والإرادة أيضا تحتاج إلى تقويتها بالمعرفة .. والخيال يحتاج أيضا إلى الإستزادة من المعرفة.وإذن فأن المعرفة هي الأساس الأول في تكوين الشخصية ونضوجها ..والذين لايقرأون هم أشخاص في الواقع تخلو حياتهم من مقومات الشخصية السليمة ..حكم قاسٍِ ..ولكن أليست تلك هي الحقيقة ..فالذي يقرأ هو إنسان يعيش ويفكر كما ينبغي أن يعيش الإنسان الذي وهبه الله نعمة العقل والتفكر والتدبر وعلمه مالم يكن يعلم .
من يقرأ يعش الحياة مرات عديدة بدلا من مرة واحدة ..إنه يحيا حياته وحياة الآخرين بكل أفكارهم ومشاعرهم ومعاناتهم ويستخلص منها مااستخلصوه هم من خلال تجاربهم الخاصة.
شوبنهاور كان محقا عندما قال : إن القراءة هي التفكير بعقول الآخرين..فنحن بواسطة القراءة نستخدم ذهننا للتجول داخل أفكار الآخرين ونستمتع بهذه الأفكار ونستفيد منهاحسب ما يحلو لنا .