الخميس، 26 مارس 2009

بأبي الشموس الجانحات



قصيدة المتنبي الشهيرة

بأبي الشُّموسُ الجانِحاتُ غَوارِبَا ^ اللاّبِســاتُ مِنَ الحَريرِ جَلابِبَـا
ألمُنْهِبـــاتُ عُقُولَنَـــــا وقُلُوبَنَــا ^ المُبْدِيـاتُ مِنَ الدّلالِ غَرائِبَـــا
حاوَلْنَ تَفْدِيَتي وخِفْنَ مُراقِبــــا ^ فوَضَعْـنَ أيدِيَهُنّ فوْقَ تَرَائِبَــا
وبَسَمْنَ عَنْ بَرَدٍ خَشيتُ أُذِيبُــهُ ^ من حَرّ أنْفاسي فكُنْتُ الذّائِبَــا
يا حَبّــذا المُتَحَمّلُونَ وحَبّـــــــذا ^ وَادٍ لَثَمْتُ بهِ الغَزالَةَ كاعِبَـــا
كَيفَ الرّجاءُ منَ الخُطوبِ تخَلُّصاً ^ منْ بَعْدِ ما أنْشَبنَ فيّ مَخالِبَـا
أوْحَدْنَني وَوَجَدْنَ حُزْناً واحـــداً ^ متناهيــاً فجَعَلْنَـهُ لي صاحِبَــا
ونَصَبْنَني غَرَضَ الرّماةِ تُصِيبُني ^ مِحَنٌ أحَدُّ منَ السّيوفِ مَضارِبَا
أظْمَتْنيَ الدّنْيــــا فَلَمّـــا جِئْتُهَــــا ^ مُسْتَسْقِيـاً مَطَرَتْ عليّ مَصائِبَـا
وحُبِيتُ من خُوصِ الرّكابِ بأسوَدٍ ^ من دارِشٍ فغَدَوْتُ أمشي راكِبَـا
حالٌ متى عَلِمَ ابنُ مَنصورٍ بهَــا ^ جـــاءَ الزّمانُ إليّ مِنْها تَائِبَــــا
مَلِكٌ سِنَانُ قَنَاتِـــهِ وبَنَانُــــــــهُ ^ يَتَبَارَيانِ دَمـــاً وعُرْفاً سَاكِبَــا
يَستَصْغِرُ الخَطَرَ الكَبيرَ لوَفْــــدِهِ ^ ويَظُنّ دِجْلَـةَ ليسَ تكفي شارِبَا
كَرَماً فلَوْ حَدّثْتَـــهُ عن نفسـه ^ وَحَـذارِ ثمّ حَــذارِ مِنهُ مُحارِبَـا
فالمَوْتُ تُعرَفُ بالصّفاتِ طِبَاعُهُ ^ لم تَلْقَ خَلْقـــاً ذاقَ مَوْتـــاً آئِبَــا
إنْ تَلْقَــهُ لا تَلْقَ إلاّ جَحْفَــــلاً ^ أوْ قَسطَلاً أو طاعِنــاً أو ضارِبَا
أو هــارِباً أو طالِباً أو راغِبـــاً ^ أو راهِبـــاًأو هالِكاً أو نادِبَـــا
وإذا نَظَرْتَ إلى الجِبَـــالِ رَأيْتَهَا ^ فوْقَ السّهُولِ عَواسِلاً وقَواضِبَا
وإذا نَظَرْتَ إلى السّهُولِ رَأيْتَها ^ تَحْتَ الجِبالِ فَوارِساً وجَنَائِبَــا
وعَجاجَةً تَرَكَ الحَديدُ سَوادَهــا ^ زِنْجــــاً تَبَسّــمُ أوْ قَذالاً شَائِبَـا
فكأنّمَا كُسِيَ النّهـــــارُ بها دُجَى ^ لَيْلٍ وأطْلَعَتِ الرّماحُ كَواكِبَـــا
قد عَسكَرَتْ مَعَها الرّزاياعَسكَراً ^ وتَكَتّبَتْ فيها الرّجالُ كَتائِبَـــا
أُسُدٌ فَرائِسُها الأسُودُ يَقُودُهـــا ^ أسَـدٌ تَصِيرُ لَهُ الأسُودُ ثَعالِبَـا
في رُتْبَةٍ حَجَبَ الوَرَى عَن نَيْلِها ^ وعَـلا فَسَمَّــوهُ عَلِـيَّ الحاجِبَـا
ودَعَوْهُ من فَرْطِ السّخاءِ مُبَذّراً ^ودَعَوْهُ من غصْبِ النّفوسِ الغاصِبَا
هذا الذي أفنى النُّضارَ مَواهِباً ^ وعِـداهُ قَتْــلاً والزّمانَ تَجَارِبَــا
ومُخَيِّـبُ العُـذّالِ مِمّـا أمّلُــــوا ^ مِنْـــــهُ ولَيسَ يَرُدّ كَفّــاً خائِبَــا
هذاالذي أبصَـرْتُ منـهُ حاضِـراً ^ مِثْلَ الذي أبْصَرْتُ مِنْـهُ غائِبَا
كالبَدْرِ من حَيثُ التَفَتَّ رَأيْتَــهُ ^ يُهْدي إلى عَيْنَيْكَ نُوراً ثاقِبَـــــا
كالبَحْرِ يَقذِفُ للقَريبِ جَواهِــراً ^ جُـوداً ويَبْعَثُ للبَعيدِ سَحائِبَــا
كالشّمسِ في كَبِدِ السّماءِ وضَوْؤها يَغْشَى البِلادَ مَشارِقاً ومَغارِبَا
أمُهَجِّنَ الكُرَمـاءِ والمُزْري بهِــمْ ^ وتَرُوكَ كلِّ كريـمِ قـوْمٍ عاتِبَا
شادوا مَناقِبَهُمْ وشِدْتَ مَنَاقِبــاً ^ وُجِدَتْ مَناقِبُـهُمْ بهِـنّ مَثَالِبَــا
لَبّيْـكَ غَيظَ الحاسِدينَ الرّاتِبَــا ^ إنّــا لَنَخْبُـرُ من يَدَيْـكَ عَجَائِبَــا
تَدبيرَ ذي حُنَـكٍ يُفَـكّرُ في غَـدٍ ^ وهُجُــومَ غِرٍّ لا يَخـافُ عَواقِبَا
وعَطـــاءَ مالٍ لوْ عَـداهُ طالِبٌ ^ أنْفَقْتَـــهُ في أنْ تُلاقيَ طالِبَــــا
خُذْ مِنْ ثَنَــايَ عَلَيْكَ ما أسْطِيعُهُ ^ لاتُلْزِمَنّي في الثّنـاءِ الواجِبَـا
فلَقَدْ دَهِشْتُ لِما فَعَلْتَ ودونَـهُ ^ مايُدهِشُ المَلَكَ الحَفيظَ الكاتِبَـا

الحبيب المجهول



حبيبي ياللي خيالي فيك ياللي حياتي حتكمل بيك


مين انت ؟..ما اعرفش.. فين انت؟.. ما اعرفش


ما اعرفش امتى وفين حلاقيك حبيبي ... حبيبي

بانده عليك والليل مشغول بين الحبايب والخلان

يطول يصبري وافضل اقول فين انت يا أملي سهران


أسمع صوتك يكلمني والدنيا ساكته

والمح نورك بيطمني وافضل اضمه بعنيَّ


يطول سهادي وافضل انادي حبيبي ... حبيبي


فين انت ياللي بتقابل افكاري قبل ما شوفك


من كتر فكري ما عش وياك أغير عليك منه واداري


حبيبي باللي خيالي فيك ياللي حياتي حتكمل بيك


مين انت ما اعرفش فين انت ما اعرفش


ما اعرفش امتى وفين حالاقيك حبيبي حبيبي


.........................




كلمات عامية بسيطة ولكنها تحمل معانِ عميقة قلَّ ماتطرق إليها أحد من الشعراء والمحبين ... تتدفق هذه المعاني بصوتٍ رخيم وحنون فتتلقاها الروح مسحورة مفتونة .....




هو الحب مهما كانت مسبباته وحالاته ... وحب الروح هو أسمى أنواع الحب وأنقاه ... أما الحب لشخص مجهول لاتراه العين ولاتعرفه ... أوعشق صورة يركبها الخيال ويضفي عليها ماشاء من الخلال والأوصاف فهو أصعب أنواع الحب حيث لاوجود للمحبوب في عالم الحقيقة ... ولكنه ساكن في روح وفكر ومشاعر المحب .... أما لماذا يحب الشخص من لاوجود له فقد يكون السبب أنه لم يجد في عالمه من هو جدير بالحب .... أو لأنه ينأى بنفسه عن خوض تجارب الغرام العادية .... أو لأن الحبيب الذي يسكن بداخله كان يوما ما شخصا قريبا منه ولكنه بعيد المنال فتحول إلى خيال معشوق ....




إنه نوعٌ من العشق الملتاع الذي لايراه الآخرون ولكنه يعبر عن نفسه من خلال وسيلة التعبير المتاحة للعاشق فهو يغرد إن استطاع التغريد ... وهو يصوِّر بالألون أو بالحروف أو بالنقش عن مايعربد في قلبه من مشاعر ومايعذَب روحه من آلام وأحزان ..... وهل يخلو أي حب من ألم ومن حزن ....!

الأربعاء، 25 مارس 2009

عندما يأتي المساء ....



عنــدما يـأتي الْمســـاء ، ونجوم الليـل تُنْـثـر

اسألُوا لى الليلَ عن نجمي، متى نجميَ يظهر

*****

عندما تبدو النجوم في السما مثلَ اللآلى


اسألُوا ، هل من حبيبٍ عنده علمٌ بحالى

*****

كلُّ نجـمٍ راح في اللَّيـل بنجــمٍ يتنــوَّر

غيرَ قلبي فهو ما زال على الأفقِ محيَّر

*****

يا حبيبي ، لك روحي ،لك ما شئت وأكث

إنَّ روحي خير أُفْـقٍ فيه أنوارك تظــهر

*****

كلَّما وجَّهتُ عيني نحـو لَمَّاح المحيَّــا

لم أجد في الأُفْقِ نجمًا واحدًا يرنو إليَّا

*****

هل تُرى يا ليل أحظى منكَ بالعطف عليَّ

فأغنــِّي وحبيبـي والمنـى بين يـديَّ ...؟


...................................



الكلمات للشاعر محمد أبو الوفا ـــ والغناء لمحمد عبد الوهاب




....................................

...................................


كم أبكتني هذه الأغنية في زمن مضى .... وكأنَّ المطرب كان يغنيها لي وحدي ... أو كأنه كان مكلفا بأن يغنيها بلسانه ليتحدث عن وحدتي وألمي وشعوري بالغربة .......


هي إحدى القصائد المغنَّة التي أثرت في وجداني في زمن الصبا الغض ...


ولعلَّ هناك آخرون استمعوا إليها مثلي ... في نفس الوقت أو قبل ذلك أو بعده ......من يدري .. فهناك أرواحٌ كثيرة تتشابه في هذا الوجود ... تتشارك في الإحساس بالأشياء وتتألم وتفرح وتحس بالشجن بنفس المقدار ولنفس الأسباب .


فقد الأحبة




لما أناخــوا قبيل الصبح عيسهمُ ..


وحملوها وسـارت بالهـوى الإبلُ


يا حادي العيس عرّج كي أودعهم ..


يا حادي العيس في ترحالك الأجلُ


ماأصعب الوداع ...! ماأقساه ...ماأشدٌّ ألمه .... !ولكنه أمرٌ لامحالة منه ....! نودع أحبتنا وقلوبنا تتمزق ...! وأرواحنا تكاد تتفتت لوعة وشجنا وشوقا..


أي فراق في العالم يهون إن كان الأمل في اللقاء موجود ... وهو موجود مادمنا ودام من نودعهم على ظهر الحياة ....


ولكن إن كان الفراق بلا أمل أو رجوع لأن من نجبهم غادرونا دون رجعة .... فذاك أقصى ماتلقاه النفس من أسى وحزن ... وأكثر مايجعل المرء يشعر بالغربة في الحياة ....


وماهي قيمة الحياة إن فقدنا الأحبة وفقدنا بفراقهم الدائم كل متعة في العيش وكل الفرح ...؟


أيها الغائبون عن العين أنتم في سويداءالقلب .... وفي حنايا الروح مسكنكم ... وسأبقى مابقي لي من العمر انتظر وأنتظر أن نلتقي ثانية بين يدي ربِّ رحيم .


الثلاثاء، 24 مارس 2009

قلبي يحدثني



"قلبي يحدثني يأنك متلفي

روحي فداكَ عرفتَ أمْ لمْ تعرفِ


لم أقضِ حقَّ هَوَاكَ إن كُنتُ الذي
لم أقضِ فيهِ أسى، ومِثلي مَن يَفي

ما لي سِوى روحي، وباذِلُ نفسِهِ،
في حبِّ منْ يهواهُ ليسَ بمسرفِ


فَلَئنْ رَضيتَ بها، فقد أسْعَفْتَني؛
يا خيبة َالمسعى إذا لمْ تسعفِ

يا أهلَ ودِّي أنتمُ أملي ومنْ
ناداكُمُ يا أهْلَ وُدّي قد كُفي

عُودوا لَما كُنتمْ عليهِ منَ الوَفا،
كرماً فإنِّي ذلكَ الخلُّ الوفي
لا تحسبوني في الهوى متصنِّعاً
كلفي بكمْ خلــقٌ بغيرِ تكلُّــفِ".

.................


لكم أعجبتني هذه القصيدة لإبن الفارض ولكم أحببتها كثيرا .... عذوبة كلماتها ورقة الأحاسيس المتدفقة منها قادتني إلى التفكير في هذا النوع من الحب النقي الذي يسمو بالروح ويطهرها ... الحب الذي يعطي المحب فيه محبوبه كل مايملك حتى الروح وهي أغلى مالدى الإنسان دون مطالبته بشيء ....
نوع من العشق ليس بالعادي أو المألوف ولكنه مهما كان نادرا فلعله مازال موجودا بين البشر .. حب الروح الذي يجعل العاشق يستلذ حتى بالألم وبالهجر ... أعتقد أن من يحب بهذا القدر لابد أن يكون إنسانا تسامى بإنسانيته واقترب من الملائكية ...
فحب كهذا يطهِّر النفس ويرتقي بها إلى مصاف الملائكة ...
والألم في الحب هو أقسى أنواع الألم الروحي الذي تصفو به النفس وتعلو عن مرتبة الإنسان العادي الذي يعيش من أجل إشباع حاجات الجسد الزائلة والتي لاتشبع أبدا ولاتكتفي إلا بالعجز أو الموت .

الاثنين، 23 مارس 2009

الرضا والنور


أوقدوا الشموس .. انثروا الزهور ..

موكب العروس .. فى السما يدور ..

***

الرضا والنور .. والصبايا الحور ..والهوى يدور ..

آن للغريب .. ان يرى حماه ..

يومه القريب .. شاطىء الحياة ..

والمنى قطوف .. فى السما تطوف ..انقروا الدفوف ..

***

يا حبيب الروح .. تائه مجروح ..كله جروح ..

لائذ بالباب .. شوقه دعاه ..

والرضا رحاب .. يشمل العفاة ..

والمنى قطوف .. فى السما تطوف ..

انقروا الدفوف ..
***

طاف بالسلام .. طائف السلام .. يوقظ النيام ..

عهده الوثير .. واحة النجاة ..
أول الطريق .. وهو منتهاه ..

.والمنى قطوف .. فى السما تطوف ..

انقروا الدفوف ..
***

كلمات بسيطة .... شفافة .... مرهفة إلى أبعد الحدود .... كلمات تصوِّر عودة الروح إلى حماها وموطنها الأول كما يستشعرها الصوفي النقي ويتغنى بها .... إنها عودة الروح إلى ربها وخالقها بعد معاناة طالت أم قصرت في سجن الحياة ....


طالما أحببتٌ هذه الأغنية وأنا صغيرة حتى قبل أن أفقه المعنى العميق وراء الكلمات ... عرفت أخيرا أن مؤلفها هو طاهر أبو فاشا ... في حين شدا بها ذلك الصوت الرخيم الذي أمتع طفولتنا وصبانا ....
صوت الراحلة العظيمة صوتا وأداءا ووعيا أم كلثوم ...

إنها أغنية تسكن وعيي .. أشتاق إليها وأحن إلى سماع كلماتها ... أحببت أن أرصع بها هذا المكان واستئنس بوجودها كلما قمت بالتطواف والتجوال بين حروفي وحروفا لآخرين صففتها في هذا الفضاء الرحب ... حيث الأرواح تأتي لتلتقي وتستئنس بوجود من ترتاح لوجودهم معها ...

قد يكون بين من يحط الرحال هنا من عرفها وأحبها مثلي ..

السبت، 21 مارس 2009

الصبر جميل




مختارات من آخر قصائد الشاعر مظفر النواب :

هي كلمات لاتحتاج تعليق أو شرح أو تدليل ... فهي التعليق والشرح وكل مفردات التفسيروالتحليل :

.......................


يا قارىء كلماتي بالعرضِ

وقارىء كلماتي بالطّولْ

لا تبحثْ عن شيءٍ عندي يدعى المعقولْ

إنّي معترفٌ بجنونِ كلاميبالجّملةِ والتّفصيلْ

ولهذا لا تُتعبْ عقلكَ أبداً بالجّرحِ

وبالتّعديلْ وبنقدِ المتنِ وبالتّأويلْ

خذها منّي تلكَ الكلماتُ

وصدّقها من دونِ دليلْ

بعثرها في عقلكَ..

لا بأسَ إن اختلطَ الفاعلُ بالفعلِ أو المفعولْ

الفاعلُ يفعلُ

والمفعولُ به يبني ما فعلَ الفاعلُ للمجهولْ

هذا تفكيرٌ عربيٌ عمليٌ شرعيٌ مقبولْ

في زمنٍ فيهِ حوادثنا كمذابحنا

ومآتمنا أفعالٌ تبنى للمجهولْ

خُذ مثلاً ضاعتْ منّا القدسُ

وقامتْ دولةُ إسرائيلْ من المسؤول؟

فعلٌ مبنيٌّ للمجهولْ

خذ مثلاً دبّاباتٌ ستٌ في بغدادَ

ونشراتُ الأخبارِ تقولْ:سقطتْ بغدادُ

من المسؤولْ؟

فعلٌ مبنيٌ للمجهولْ

خُذ مثلاً في الوطنِ العربيِّ

ترى أنهارَ النّفطِ تسيلْ

لا تسألْ عن سعرِ البرميلْ

والدّمُ أيضاً مثلَ الأنهارِ تراهُ يسيلْ

لا تسألْ عن سعرِ البرميلْ

والدّمعُ وأشياءٌ أخرى

من كلِّ مكانٍ في الوطنِ العربيِّ تسيلْ


لا تسألْ عن سعرِ البرميلْ

فلكلِّ زمانٍ تجّارٌ

والسّوقُ لها لغةٌ وأصولْ

أمّا نحنُ البُسطاءُ فأفضلَ ما نفعل

أن نفرحَ حينَ يفيضُ النّيلْ

أن نحزنَ حين يغيضُ النّيلْ


أن نرقصَ في الأفراحِ ونبكي في الأتراحِ


ونؤمنَ أنَّ الأرضَ تدورُ بلا تعليلْ


والموتُ هنا مثل الفوضى

والرّيحِ يجيءُ بلا سببٍ


وبلا تعليلْ

والحربُ هنا حدثٌ ميتافيزيقي

فاعلهُ إنسانٌ مجهولْ

وضحيّتهُ أيضاً مجهولْ
هذا تفكيرٌعربيٌ عمليٌ شرعيٌ مقبولْ

في زمنٍ فيهِ حوادثنا كمذابحنا

ومآتمنا أفعالٌ تبنى للمجهولْ

فعلٌ مبنيٌّ للمجهولْ عفويٌ

مثل شروقِ الشّمسِ بديهيٌ مثل التّنزيلْ

أمرٌ مفروضٌ حتميٌ

وقضاءٌ مثل قضاءِ اللهِب لا تبديلْ

فعلٌ مبنيٌ للمجهولْ

وعلينا أن نصبرَ دوماً

فالصّبرُ جميلْ

......

نعم الصبر جميل ... ولكن إلى متى ..؟؟

الجمعة، 20 مارس 2009

عشق بلابداية ولانهاية




عشق أتى - قبل الوجود و عاش في الدنيا قرونا قبلنا


و تقابلت أشواقنا وتصافحت أعمارنا و تعانقت روحـانا


وتوقـدت أشواقنــا وتوهجت ومضت لتحكي سرنا وهوانا

إحدى الشاعرات المرهفات الحس امتلأ فؤادها بعشق روحاني لاحدود له فتخيلت أنه خُلق قبل أن توجد هي .... وربما يكون الأمر كذلك .. فالأرواح موجودة قبلنا وتبقى بعد فنائنـأ ...ومن يدري فقد تكون الأرواح التقت في عالمها بمن تحب وتهوى وتآلفت معه قبل أن تحط الأ{واح رحالها في الأجساد .... وتستسلم لمصيرها حيث تكون مرتبطة بالمكان الذي أوجدت فيه .... فلا يتاح لها التعرف على الأرواح التي تآلفت معها في عالم الغيب قبل الحلول في الجسد والتعود على أسره ومطالباته ونزعاته .


كم من الأرواح استطاعت أن تجد إلفها وتهنأ بالعيش معه في عالم الأحياء ...!.....
ربما تكون هناك أمور نادرة وغريبة تجمع بين الأرواح التي تحب وتألف وتشتاق وتحن إلى نصفها المفقود ..... وليس كل الأرواح ؛ فهناك أرواح تظل تبحث وتبحث ولاتجد ماتبحث عنه .... وقد يكون نصيبها أن تعود إلى عالم الخلود لتجد توأمها هناك ينتظرها ليكون التواصل الدائم الذي لاينتهي بوداع وانفصال ..... وماعلى تلك الأرواح إلا التصبٌّر والإنتظار حتى يحين موعد الرحيل عن عالم الفناء بآلامه وأحزانه ومتاعبه .


تعزية لابد منها لكل تلك الأرواح النقية الطاهرة التي تعيش دون أمل في لقاء محبوب تشتاق إليه وتحلم بوجوده معها ....



حديث الروح



حديث الروح للأرواح يسري

وتدركه القلوب بلا عنــــاء

هتفت به فطــار بلا جنــــــاحٍ

وشقَّ أنينه صــدر الفضــاء

ومعـــدنه ترابـــي ولــكن

جرت في لفظه لغــة السمــاء

لقد فاضت دموع العشق مني

حديثـــا كان علويَّ الـنــداء

وجــاوبت المجرة علّ طيفــا

سرى بين الكواكب في خفاء

وقال البــدر هذا قلب شـــاكٍ

يواصل شجوه عند المساء


*****

شكـواي أم نجــواي في هــذا الدجــى

ونجــــوم ليلـى حسّـدي أم عــوَّدي

أمسيت في الماضي أعيش كأنمـا

قطع الزمان طريق أمسي عن غدي

والطــير صـــادحـــةٌ على أفنائهــا

تبكي الربــا بأنينــهــا المتـــجــدِّد

قد طال تسهيدي وطـال نشيدهــا

ومدامعي كالطلِّ في الغصن النـدى

فإلى متى صمتــي كأنــي زهــرة

خرساء لم ترزق براعــة منشـــد


*****

قيثـــــــارتي مُلِئت بأنات الجوى

لا بد للمكبــوت من فيضــــانِ

صعدت الى شفتي خواطر مهجتي

ليبين عنها منطقي ولســـاني

يشكو لك اللَّــهم قلب لم يعــش

إلا لحمــدِ علاك في الأكــــوانِ

...................

إنها الروح تئنُّ بشكواها ... وتجاهر بألمها ... تتأمل ماحولها بأسىً .. إنها روح الشاعر الملهم محمد إقبال تلك التي ترسل شكواها إلى الأرواح الأخرى التي تحس وتعاني وتتألم كألمها ... ثم لاتجد وسيلة لتخفيف المعاناة والألم سوى البوح والهتاف ... علّ هناك من يسمع ويشارك الشاكي ألمه الدخلي العميق الذي لايعرف له سببا معيَّنا ... وإنما هو ناتجٌ عن رهافة الروح.... الروح الشفافة التي تلتقط الألم وتتماهى معه حتى يصبح جزءا من وجودها وكينونتها .


لك الله أيتها الأرواح المعذَّبة التي لاتفارقها الآلام ولا تنفصل عنها المعاناة إلا حين تفر خارجة من أسر الجسد إلى عالم الروح الفسيح .

الخميس، 19 مارس 2009

عشق الروح


" وعشق الروح مالوش آخر ..لكن عشق الجسد فاني " ....... وفي عالم الأرواح تلتقي الأرواح وتحب بعضها البعض حبا نقيا خالصا من الشهوات والرغبات ..... حبًا يختلف عن مايعرفه عشاق المفاتن وطلاب المتعة حين يعشقون الأجساد قبل الأرواح.
ليس شرطا أن يكون المعشوق فاتنا أو ساحر الجمال .... لأن مايراه العاشق فيه لايراه البشر .... إنها الروح التي تتآلف مع روح أخرى وتلتحم بها .........
يقول ذلك المطرب بانفعال وحماس : روحي تحبك غصب عني تحبك ...
وقبله غنت المطربة المخضرمة : روحي وروحك حبايب من قبل دا العالم والله
وقبلهما ردَّد على أسماعنامطرب الجيل الماضي بصوت ونغمات تأسر القلب في تبتل وحنين : وعشق الروح مالوش آخر ........

ولاننسى ذات الصوت المخملي فيروز وهي تبوح لنا بحنينها إلى من لاتعرفه : أنا عندي حنين مابعرف لمين ....

إنه عشق الروح الذي هو أبقى وأرقى وأنقى أنواع الحب ..... قد لايعترف بذلك عشاق الجسد وطلاب المتعة العابرة من خلال علاقات يدعونها حبا ولكنها سرعان ماينطفيء الحب فيها وتعشش فيها العتمة .
وحين تعشق الروح شخصا غائبا أو حاضرا فإنها لاتطلب منه وصلا ولاتعاتبه على هجر ولاتفرض عليه أمرا أو تقيده بقيود الحب المألوفة التي يعاني منها العاشق والمعشوق في قصص الحب المألوفة ...
يكتفي عاشق الروح بأن يكون عاشقا فقط دون مطالب أو شهوات أو رغبات ..... حب نقي خالص من كل الشوائب ..
وقد تكون هناك أسباب تجعل العاشق يقنع من محبوبه بالنظر أو بالسماع أو بالمتابعة عن بعد ... حب ممنوع أو مستحيل أو غير مقبول .....
أسباب مثل أنف الشاعرالمسكين "سيرانو دي برجراك" في رواية الكاتب الفرنسي أدمون روستان .. أو قد تكون فقط الرغبة في تجربة هذا النوع من الحب والعيش مع عذاباته ومعاناته لصهر الروح وتنقيتها والإرتفاع بها عن مستوى البشر ..!
أهو أمرٌ غريب أن نحب شخصا دون أن نطمع في التواصل معه ... وماهو أكثر من مجرد التواصل ....... قد يكون ذلك غريبا على من اعتاد على التعامل بأحاسيسه البشرية ورغباته الجسدية ...... أما من سمت روحه وتعالت فوق الرغبات والشهوات العابرة فإنه يجد في هذا الحب الروحي لذة لاتعدلها لذة ..... إنه يتواصل مع من يحب بروحه .... حتى ولو لم يكن المحبوب مطلعا على عواطفه نحوه .... وهذا أصعب


أنواع الحب وأشده تعذيبا وإيلاما ... وياويل من كان محبوب روحه أمام عينيه ولايستطيع أن يبوح له بهواه لأن هناك موانع وحواجز تقوم بينه وبين هذا المحبوب .. حواجز دينية ... أخلاقية ... عرفية .... أي حواجز مانعة تحول بين المحب ومن يهوى ...
هناك نوع آخر من الحب الروحي ... وهو ذاك الذي يحب فيه المرء إنسانا لم يره ولم يعش معه .... ولايعرف حتى كيف يبدوشكلا ... إنه حب سماعي ....مثل ذاك الذي قال عنه الشاعر الكبير :
والأذن تعشق قبل العين أحيانا ...
بل ربما لايكون هناك حبٌ لشخصٍ بعينه وإنما مجرد صورة يتخيلها المحب .... أو يحس بوجودها في مكان غير محدد ....
مثل ماتغنى المطرب نفسه الذي تخيَّل حبيبا مجهولا يحبه دون أن يعرفه .... حبيبٌ خيالي يناجيه :

حبيبي باللي خيالي فيك .. ياللي حياتي حتكمل بيك
مين انت ما اعرفش ... فين انت ما اعرفــش
ما اعرفش امتى وفين حلاقيك ... حبيبي ... حبيبي

حبٌّ من هذا النوع الفريد هو وهمٌ جميل ... ولكنه يمنح العاشق الواهم مجالا يمارس فيه روحانيته ويملأ حياته بمشاعر سامية .... يعيش معها وقتا ممتعا في عالم جميل حتى ولو كان عالما من وهم .

آه ... أيتها الأرواح المتمازجة في عالم الطهر والصفاء ........ ماأجملك ...!...

الأحد، 1 مارس 2009

عالم الأرواح


( ويسألونك عن الروح قل الروح من أمر ربي وماأوتيتم من العلم إلا قليلا )...صدق الله العظيم.
عالم الأرواح سر من الأسرار التي لايطلع عليها غير مالك هذه الأرواح وحده ....... ولايعلم ماخفي منها إلا هو سبحانه ....... إنه عالم عجيب غامض وبعيد عن فهم البشر .....


وللعالم والطبيب الشهير (إبن سينا) قصيدة معروفة تحدَّث فيها عن الروح رمزا وبشكل فلسفي عميق.



هذه القصيدة المسماة بالعينية اشتهرت على نطاق واسعٍ ،وأطلقت الكثير من التفسيرات والتأملات حولها ... وأيضا المعارضات الشعرية من بعض الشعراء الكبار ...




والقصيدة فيها إشارات إلى سمو الروح وعلوها ، واستكانتها لسجن الجسد مرغمة حتى إذا حانت ساعة الرحيل انطلقت سعيدة محلقة في فضاءاتها الواسعة ...




وتكاد هذه القصيدة أن تكون هي الوحيدة في الشعر العربي التي تخصصت في الحديث عن الروح وسموها وترفعها .




هبـطـت إليـك من المحـل الأرفـــع ورقـــاءُ ذات تعـــززٍ وتـمنــع



محجوبـــة عن كل مقــلة عــارفٍ وهـي التي سفـرت ولم تـتبرقع



وصلت على كــرهٍ إليـك وربمـا كرهــت فراقــك وهـي ذات تفـجٌـع



ألفـت ومــا سكنـت، فلما واصلت ألفت مجــاورة الخـراب البـلـقـع



وأظنـهــا نسيـت عهــوداً بالحــمى ومنـــازلاً بفـراقـهـا لـم تـقـنـع


حتى إذا اتصلت بهــاء هبـوطهــاعن ميـم مركـزهـا بذات الأجـرع


علقت بهــا ثــاء الثقـيل فأصبحت بَيْنَ المَعَـالِمِ وَالطُّـلُـولِ الخُـضَّـعِ


تبكــي وقد ذكرت عهــوداً بالحمــى بمدامــعٍ تـهمـي ولمــَّا تقـلــع


وتظــل ساجعـــةً على الدِّمن التي درست بتكـرار الرياح الأربــــع


إذعاقهـا الشرك الكثيف وصدهـا قفص عن الأوج الفسيح المَرْبَـع


حتى إذا قرب المسيرمن الحمى ودنا الرحيل إلى الفضاء الأوسـع

سجعت وقد كُشِفَ الغطاءُ فأبصرت ما ليس يدركَ بالعيونِ الهجَّـع


وغـد ت مفـارقــة لكل مخــلّـفٍ عنهــا حليـف التُّرْبِ غير مُشَيِّــع

وبدت تُغـــرِّدُ فـوق ذروة شـاهـقٍ والعـلم يرفــع كل من لـم يُرفــع

فلأي شيءِأُهبطـت من شاهق ٍعـالٍ إلى قعرالحضيض الأوضــع ؟


إن كان أهبطـهــا الإلـهُ لحـكمــةٍ طُويت على الفــذِّ اللبيـب الأروع


وهبوطهــا إن كان ضربــة لازبٍ لتكون ســامعــــةً بما لم تسـمـع

وتعــود عالمـــة بكل خـــفيـــَّـة في العـالميـن ، فخرقهــا لم يرقــع


وهي التي قطع الزمـان طريقهــاحتــى لـقــد غربت بغيـر المـطلـع


فكأنـهــــا بـرق تألـــَّق بالحمـــى ثم انطـــوى فـكأنــــه لـم يلـمــع


أنعم برد جــواب مـا أنـا ســائل عنــه فنــــار العــلم ذات تشعشـعِ
اللهم أعنيِّ على قبول تقلبات أجواء الحياة وساعدني على تحمل أثقالها