المسألة بسيطة لو صلحت النوايا....
في بلادنا أصبح الكل يشكو والكل يتذمر ولاأحد يمد يده للإصلاح ......
ممَّ نشكو ...؟
نشكو من الفساد الإداري ...الرشوة ..الواسطة ... التلاعب بالأموال ... ومن استيلاء الأقوياء على حقوق الضعفاء ...
ومم نشكو ؟
نشكو من الفقر ومن البطالة ... نشكو من تعدي بعض الجهات على حقوق وحريات الناس الشخصية بحجج مختلفة ....
ونشكو من نقص الكثير من الأمور الحيوية التي توفر للمواطن الراحة والسعادة ...
فبلادنا الرحبة الواسعة لاتوفر لنا مكانا نرتاح فيه فنضطَّر إلى الخروج منها مع نهاية كل عام لقضاء الإجازات في الخارج لنستمتع بشيءٍ من الهواء النظيف ، ونكحل أعيننا برؤية الخضرة والمناظر النظيفة الجميلة ... ونتنقل بين المنتزهات والأسواق بحرية وراحة ودون مراقبة أو مضايقة ....
نحن نشكو ونتذمر ... ونحن من بيده إصلاح الأمور وتعديل الأخطاء ...
ونحن مقصود بها المواطنون جميعا بمن فيهم المسؤولون كبارا وصغارا ....
لو أدركنا جميعنا أن وطننا هو مصدر عزنا ... فخرنا ... أمننا ... فرحنا ... لعملنا جميعا من أجل رقي هذا الوطن ... من أن نجعل من هذا الوطن أجمل مكان في العالم .. وأهل هذا الوطن كلهم أسعد سكان العالم ..... والأمور ليست صعبة بالشكل الذي نتصوَّره ....
القانون الرادع يطبَّق على الصغير والكبير دون اعتبار لأي إسم أو لقب فيختفي الفساد ..... روح الإسلام أيضا وقبل كل شيء هي مايجب العمل به ....ا بشكل سهل ومقبول كما هو الإسلام بالفعل وليس كما يريد لنا البعض أن نفهمه ...
الإسلام يحرِّم الربا والرشوة واستغلال المناصب لأي غرض ... وبالتالي فهو يحرم الواسطات ضمنيا ... فلا يصل من لايستحق إلى مالايستحق من مناصب ومراكز والتي هي من حق المجتهد الذي يصل إليها بجهده وعلمه ومعرفته ..هذا مثال بسيط لما يجب أن نفهمه من تطبيق روح الإسلام على جميع أعمالنا وأمور حياتنا .
تطببق الشريعة بمفهومها وروحها وحكمتها نصلح مافسد من الأمور ..أما استعمال الدين من أجل تحقيق المصالح الشخصية فهو سبب الفساد وفيه مخالفة كبرى لتعاليم ديننا الحنيف مهما قيل من مبررات .
هناك البطالة التي نشكو منها كل يوم .... وهي واحدة من أكبر مشاكلنا وأشدها خطرا على مجتمعنا ... هل يصح أن تكتض بلدنا بأشكال كثيرة من البشر من أنحاء متفرقة من العالم ... يأتون من أماكن بعيدة ويجدون رزقه عندنا بسهولة ويسر ونعجز عن توفير عمل لمواطن محتاج للعمل ليعول نفسه وأهله ؟.... هل هذا منطقي ؟...
يامن بيدكم الأمر أعيدوا جزءا من هذه العمالة ـومعظمها عمالات سائبة تعيث فسادا وخرابا في البلد ـ ... أعيدو هذه العمالة من حيث جاءت وافتحوا أبواب التدريب للشباب السعودي .... وهم قادرون على عمل كل شيء ... والدليل أن البعض منهم يعملون حاليا في المطاعم الحديثة .. وفي المقاهي ذات الأسماء العالمية .. وفي البقالات والمحلات التجارية .... يعملون بكفاءة تامة ....
شبابنا بخير ولاينقصهم سوى التدريب والتوجيه الصحيح ...وهذا ليس بصعب أو عسير .
ثمَّ هناك وظائف كثيرة يمكن استحداثها من أجل توفير عمل للعاطلين .. ومن أجل الفائدة العامة للبلد ....وهناك مراكز تدريبية يمكن إنشاءها من أجل الشباب ...
فكروا ياسادة يامسؤولين فيما يجب عمله وستجدون الكثير
أما بخصوص الشكوى من وجود الفقر في بلادنا فالحقيقة أنه وصمة عار في جبيننا .... لو كنا بلدا فقيرا أو متواضع الدخل لقلنا هذا قدرنا وعلينا احتماله .... ولكن أن تُعد بلادنا في مقدمة الدول الغنية في العالم ويكون لدينا هذه النسبة العالية من المواطنين يعيشون في حدود خط الفقر أو دونه فتلك والله مصيبة كبيرة ...!
هناك خللٌ ما ... ولابد من أن نعالجه بكل الطرق الممكنة ... مثلا : أراضي بلادنا شاسعة وكبيرة وغير مسكونة فلماذا لايكون لكل مواطن أرضه التي يبني عليها بيته بمساعدة القروض والتسهيلات التي لابد أن تكون موجودة فعليا وليس إسميا ..... تلك القروض والمساعدات التي نسمع عنها ولا نراها ... وتلك التسهيلات التي يقال أنها تقدم للمواطنين من ذوي الدخول المحدودة ولكننا لا نسمع أن أحدا استفاد منها.
لو أصبح لكل مواطن بيت يضمه هو وعائلته بدلا من التشرد بين بيوت الإيجارات واحتمال تهديدات ملاك الشقق بالطرد لعدم القدرة على دفع الإيجار لانحلت مشكلة الكثير من مواطنينا .... ولهان عليهم بعد ذلك إيجاد مصادر للرزق بأي طريقة كانت ... إيجارات البيوت تكسر ظهور المواطنين الفقراء فلمَ لاتكون هناك دراسة جادة من أجل ترفيه المواطن وإشعاره بقيمته .؟
ثم لنتحدث عن شيء أبسط بكثير من عمليات الفساد والبطالة والفقر المنتشر بين بعض الطبقات في المجتمع ... وهو النظافة .... النظافة التي نحلم بوجودها في كل مكان ...في الشارع ..في المطعم ... في المقهى ...في المتنزهات العامة ... وفي الشواطيء ...اليس من واجبنا جميعا المحافظة عليها ...؟... ولكن كيف نحافظ عليها ونحن لانجد من ينبهنا إلى ذلك .... لاالإعلام النائم ... ولاالأنظمةالمتساهلة ..ولاالقوانين الصارمة التي تلزم الجميع باتباعها وتفرض عقوبات مشدَّدة على تجاهلها ...
بالله عليكم هل هناك شيء أهم من النظافة أو أجمل ..؟....
نحن بشكل عام نفتقد الثقافة البيئية ولانجد من يوجهنا أو يرشدنا إلى كيفية المحافظة على البيئة ..... وهذا أمرٌ محزن فعلا .
أما توفير الأماكن النظيفة والجميلة ...فبلادنا فيها الكثير من الأماكن الجميلة التي تحتاج فقط إلى تحسينها وتجميلها وتجهيزها ببعض الوسائل التي تعطي المواطن شعورا بالراحة والبهجة .... فالشواطيء الشرقية والغربية عندنا طويلة والمياه نظيفة ... ومنظر البحر عندنا من أجمل المناظر ... ولكن رغم وجود الكورنيش في المناطق الشرقية فمازال يفتقد إلى الكثير من اللمسات الجميلة ومن الإستعدادات ....
الشواطيء في بلاد العالم تعتبر متعة للناس حيث القهاوي والجلسات والمطاعم الصغيرة التي تقدم الوجبات الخفيفة ..... وهذه كلها نفتقر إليها .... والغريب أن المطاعم والقهاوي الموجودة حاليا في أماكن قريبة مطلَّة على البحر تخفي منظر البحر الجميل أو تضع سواتر تحول بين الجالسين داخلها وبين البحر الجميل بحجة منع الكشف أو اتباع تعليمات معينة .... !!... هل هذا معقول..؟
الناس في بلاد العالم كلها تستمع بوجود البحر ونحن نحرم منه بحجج غريبة وغير منطقية ...!
ثمَّ في المناطق الأخرى من بلادنا التي لايوجد بها بحر توجد أماكن جميلة للسياحة الداخلية ولكن تنقصها التجهيزات الكافية ...
أبها مثلا ... الطائف ... وغيرهما ممن المناطق الجميلة جدا والتي تتميز بهوائها العليل ...مناطق صالحة للسياحة والإستجمام ولكن عدم وجود أماكن سكنية كافية ومريحة ... وخلو تلك المناطق من وسائل الترفيه اللازمة ... بالإضافة إلى الغلاء واستغلال أصحاب الشقق للزوار تجعل السياحة هناك أمرا غير مريح ولامبهج لمن يفكر في السياحة الداخلية ....
هذا يحتاج إلى تدخل من الدولة من أجل التنظيم والترتيب وإعداد أماكن مناسبة لكل أنواع الناس الراغبين في التمتع بالإجازات داخل بلادهم دون حاجة إلى تكلف مشاق السفر إلى الخارج والمرور بتلك المعاناة في إجراءات السفر وبقيَّة المنغصات .
لو أخلصنا وتكاتفنا من أجل حل مشكلاتنا فستصبح بلدنا أفضل بلد في العالم ...
المهم أن تكون مصلحة الوطن فوق الجميع .... وأن يحرص كل مواطن على أن يبني ولايهدم ... أن يصنع ولاينتظر من الآخرين أن يصنعوا له ....أن يصلح مايستطيع ولاينتظر الإصلاح ...
أن يتخلى القادرون من أبناء الوطن عن أنانيتهم فيعملون من أجل مصلحة الجميع ...وبدلا من أن يستثمروا أموالهم في الترفيه غير البريء ... وفي المشاريع التي لافائدة فعلية منها .. أو في تلك المشاريع التي تنشأ خارج البلد ، يستثمرون ماأعطاهم الله من مال في خدمة الوطن وأبنائه .
بلدنا بحاجة إلى جهودنا كمواطنين سواءأكنا مجرد مواطنين عاديين أو مسؤولين من ذوي المكانة العالية وأصحاب القدرة على التخطيط والتنفيذ .
حين نتعاون ونتكاتف من أجل بناء الوطن سيكون هذا الوطن هو الأجمل والأفضل ... سيكون هو الوطن الذي يشعر الجميع فيه بالراحة والأمن والسعادة والإمتنان .
إخلاص النوايا وإخلاص العمل والتعاون البنَّاء هو السر ...
فهل نحن نطلب المستحيل ؟